کد مطلب:220073 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:165

فی علاج التخم و دفع مضارها
الطعام یفسد فی المعدة متی عرض بعده جشاء منتن ذهك [1] حاد، و أصیب فی الحلق شبیه بطعم الدخان و شی ء كان فیه مرارة مع عفوصة. فلینتظر، فان كان



[ صفحه 666]



ذلك انما حدث بعقب أكل من عسل أن حلواء معسلة، أو بیض مطجن، أو طباهجة مطبجنة، أو نمكسود شدید الیبس، أو مطجنة كثیرة المری، أوأرز، أو استفیذباجة متشیطة، أو كوامیخ مالحة، أو یقول حریفة كالكراث [2] والبصول والباذروج [3] ، أو طعام دقت فیه فضل توابل كالحلتیت [4] والمحروت [5] ، فلیشرب سكنجبین و ماء فاتر، ولیتقیأ.

و ان كان الطعام قد نزل، وخف البطن، فلیشرب شربات من السكنجبین بالماء الفاتر، ولا یمنع من شرب ما دعت الطبیعة الیه من الماء الصادق البرد، ولیطل النوم فی موضع بارد، ثم لیجلس فی أبزن بارد.

فاذا تحركت الشهوة للطعام، فلیجتنب هذه الأغذیة التی ذكرناها و أمثالها، و لتؤكل أهالة بقربة أو حصرمیة، وبالجملة طعاما یوجب قبضا و حموضة.

فان كان عرض هذا العارض بعقب ما ذكرنا من أجل هذه الأطعمة، كفی هذا التدبیر مرة، و أن لا تعاود تلك الأطعمة.

و ان كان لا یزال هذا العارض یعرض، فینبغی أن یدمن صاحبه الأدویه العسرة الفساد، وهی التی تجمع قبضا و حموضة. فان أمثال هؤلاء، لحوم البقر أوفق لهم من لحوم الدراج، والكبیر من السمك أوفق لهم من الهاربا [6] و بالجملة، فجمیع الأغذیة الغلیظة أوفق لهم من اللطیفة، و هؤلاء هم أصحاب المعد الحارة المراریة.

ومتی كانت المعدة تبطی ء بالخف عن الطعام، وكان یحدث بعقب نزول الطعام جشاء حامض، و كان یدوم مع الجشاء الثقل فی المعدة، فلیطلب صاحبها النوم علی فراش وطی وثیر حار. والأجود أن یلزم بطنه بدنا حارا خصبا مدة طویلة، فان عرق ذلك البدن تعهد مسحه و لا یتعرض للجماع. فان لم یتهیأ ذلك ألقی علی بطنه خرق وثیرة مسخنة، و نام نوما طویلا، وسكن ان لم یأخذه النوم،



[ صفحه 667]



و تعهد اسخان الخرق متی فترت ان هو لم ینم. حتی اذا بقی كذلك ست ساعات و ما زاد علیه، نظر الی البول، فان كان قد بدت فیه الصفرة والأترجیة قام و تمشی مشیا طویلا، ثم دخل الحمام، و أكل بعد أن تعاود الشهوة. ولیكن مقداره أقل مما جرت عادته، و من أغذیة سهلة الاستمراء، كالماء حمص بالفراخ، والاسفیذباجات من أطراف الحملان والجداء، و أمراق المطجنات. ولیفعل ذلك یومین أو ثلاثة، ویجتنب الأغذیة الغلیظة العسرة الانهضام، ویشرب الشراب و یقویه و یقلله، و یزید فی الحركة والحمام، الی أن یبطل ذلك الثقل والجشاء الحامض كله ثم یعاود العادة.

و أكثر ما یحدث هذا العارض بأصحاب المعد الباردة والأمزاج البلغمیة.

ومتی حدث مع التخمة انطلاق البطن، فلا ینبغی أن یقطع ذلك ما دام لا یضعف البدن علیه، و یمسك عن الغذاء البتة بقدر یوم ولیلة. فان عاودت الشهوة مع انطلاق البطن، وقد كان من الخلقة بمقدار ما خلف البطن كله، فلیأكل من الأغذیة التی معها قبض و مرارة أكلا خفیفا، كالصباغ المتخذ من حب الرمان، والزبیب بعجمه، والأصباغ بخل قد نقع فیه كراویا [7] وراسن [8] و بأمراق المطجنات الظاهرة الحموضة التی قد صب فیها ماء السفرجل والتفاح والأرز والسماق، و نحو ذلك من الأغذیة. فان ذهبت الطبیعة تنعقل قبل فقد الثقل و رجوع الشهوة، أخذ شی ء یسیر من الكمونی والسفرجلی بقدر ثلث الشربة أو ربعها.

و ان بقی البطن منطلقا بعد معاودة الشهوة وخف البطن، نظر. فان كان یخرج أبیض أدكن [9] ، و مع ریاح و نفخ كثیرة، أخذ الجوارشنات العاقلة للبطن، كالجوارشن الحوری، فانه أقل أدویة و أقوی فعلا من القدیم، ومثل جوارشن الكندری، و جوارشن السفرجلی الممسك، و جمیع الجوارشنات التی تسخن البدن، و هی المركبة القابضة والمدرة للبول.



[ صفحه 668]



و ان كان ما یخرج أصفر لذاعا، و كان معه عطش، و كثیرا ما یعرض مثل هذا الاسهال فی الصیف عند مداومة أكل الفواكه الرطبة، فینبغی أن یؤخذ دواء الطباشیر المعمول ببزر الحماض الذی لا زعفران فیه، وسفوف حب الرمان الذی من نسختنا، فانهما أبسط و أقوی فعلا.

ولا یقطع هذا الاسهال أیضا ما لم یضعف البدن، وما لم یبق ویمتد بعد اطراح أكل الفواكه.

و متی اتفق، كما قلنا قبل، أن یقع استكثار من طعام وشراب، فیعرض بعقبه ثقل المعدة و تمدد فیها وضیق نفس و شوق الی القی ء، فلیبادر الی القی ء قبل أن یخف البطن. ولیقی ء ان عثر بشی ء من الرطوبات من ماء فاتر وسكنجبین، أو جلاب، أو فقاع، ثم یطال النوم بعد القی ء، والامساك عن الغذاء بقدر یوم ولیلة. ثم یستحم، و یأكل ان هاجت الشهوة أكلا خفیفا و یخفف الغذاء، فلیرجع الی العادة. و ان عرض بعقب ذلك تمدد فی البطن، و كسل، وثقل فی الحركات، ومیل الی النوم، فلیفصد أو لیسهل.

و اذا عرض جشاء فیه طعم ما أكل بعد ساعات كثیرة أو فی الیوم الثانی، و فقدت الشهوة للطعام من بعد أو قلت و تبددت، فلینم من عرض له ذلك، و لیمسك عن الطعام، ثم یتمشی مشیا طویلا رفیقا، ثم یزید فی الشراب و فی قوته و صرافته، و ینقص من الغذاء، و یأخذ بعض الجوارشنات المعینة علی الهضم الملینة للبطن، كالكمونی والسفرجلی المسهل. و ان أمكن القی ء، و كانت النفس، فلیتقیأ أولا بماء حار، ولیتوق أن یصیب البرد بطنه وظهره. ولیتوق فی الجملة الحر والبرد و جمیع الأعمال التی تتعب، فانها تضر مضرة شدیدة.

فان أطلق، أو جاء القی ء من ذاته، فقد استغنی عن هذا التدبیر، الا الیسیر منه، والا فیحتاج أن یفعل ذلك، ثم یتمشی بعد النوم مشیا رفیقا طویلا حتی یخرج الثفل، و یشرب ماء حارا و ما یخرج الثفل ان تأخر خروجه و وجد ثقلا فی أسفل البطن. فان عسر خروجه جدا احتمل شیافا، أو شرب من الجوارشن السفرجلی المسهل.

فاذا خرج الثفل وخف البطن دخل الحمام. فان هاجت الشهوة أكل، والا عاود النوم حتی تعود الشهوة. و یقلل الأكل من بعده یومین أو ثلاثة، یأخذ فی كل یوم اما السفرجلی و اما الكمونی، علی مقدار مزاجه، ثم یرجع الی العادة.



[ صفحه 669]



فان بقی به بعد ذلك سوء الشهوة و ثقل فی أسفل البطن، أخذ من الجوارشنات المسهلة. و ان بقی به بعد ذلك ثقل فی البدن كله، و تمدد فی الأعضاء كلها، فان كان مع ذلك وجهه و أعضاؤه حمرا حارة متنفخة متمددة، فلیفصد. و ان كان مع تمدیدها و ثقلها بارد الملمس، فلیستعمل الحركة وقلة الغذاء أیاما.

وربما عرض عن التخمة هیجان شهوة للطعام، فیتبع الانسان هواه فی الأكل، فیحدث عنه استطلاق البطن، و هیجان شهوة كاذبة، یتبعها أیضا استطلاق البطن، و یدور ذلك الأمر كذلك.

و لذلك ینبغی متی حدث مثل هذه الشهوة بعقب افراط من الطعام، أو بعقب حال لم یقع تقصیر فیه بل استیفاء منه، لم یتهم هذه الشهوة، ولا یتوان علی تناول الطعام، بل یضرب عنه البتة.

فان كانت شدیدة القوة جدا، و لا تكاد تكون كذلك، أخذ لها لوزات مملحات أو سویق الكعك والمری. و عللت النفس بمثل ذلك الی أن یحضر وقت الطعام الثانی.

فان دام ذلك فی الانسان مدة طویلة، و كان منه فی عناء، اما للصبر عنها و اما بأن یتناول عندها طعاما، فیثقل علیه و ینطلق بطنه، فیسهل السوداء حینئذ بقوة لتوضع محاجم بلا شرط علی الطحال، و لیلعق العسل أو یشرب الجلاب، حتی تهیج هذه الشهوة مرتین أو ثلاثة، و شیئا بعد شی ء حتی یسكن معها.

فان هذه الشهوة الكاذبة یسكن بالیسیر من الأشیاء الحلوة الدسمة، و یقی ء أسود لزجا بعقب الجلاب و ماء العسل و نحوه، و یبطل و یندفع باسهال السوداء، و وضع المحاجم علی الطحال، و اجتناب الأغذیة التی تولد السوداء من بعد.

وینبغی أن یجتنب الخل فی هذه الحال خاصة، ثم جمیع الحموضات التی جمع حموضتها قبضا. و ان اتفق ذلك، لوحقت بدسومة و حلاوة كثیرة.

فلیتفقد هذه الأبواب ولا یغفل عنها. فانها أبواب نافعة فی دفع مضار التخمة [10] و لا شی ء أدفع للأمراض من اندفاع التخم، و لا أجلب لها من تواترها.



[ صفحه 670]




[1] الذهك: ذو رائحة كريهة.

[2] الكراث: بقل زراعي من الفصيلة الزنبقية تطبخ سوقه، والعامة تسميه البرامية.

[3] الباذروج: حبق القرنفل، و هو ريحان معروف يقال له الحوك.

[4] الحلتيت: صمغة الأنجدان، منتن الرائحة، و طيب، و أجوده المنتن.

[5] المحروت: هو أصل الأنجدان، و هو دون الحلتيت في القوة.

[6] الهاربا: نوع من أنواع السمك.

[7] الكراويا: عشبة حولية من فصيلة الخيميات، منبتها المروج والمراعي الجبلية، بزورها هاضمة.

[8] الراسن: يقال له زنجبيل شامي، منه بري وبستاني، يقوي القلب، و يزيد في الباءة.

[9] الأدكن: الدكنة: لون يميل الي الغبرة بين الحمرة والسواد.

[10] التخمة: امتلاء البطن. والداء يصيب الانسان من الطعام الذي يثقل علي المعدة فتضعف عن هضمه، أو من امتلاء المعدة.